يعود مشروع قانون الكابيتال كونترول إلى ساحة النجمة وسط اعتراضات على مضمونه الذي لا يلبي حقوق المودعين بل المصارف.
المشروع المقترح خطر برأي شرائح كبيرة. فهو بمثابة إبراء ذمة للمصارف عن إساءتها للأمانة. كما يعطي صلاحيات أكبر لحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، الذي أنهك الالية اللبنانية بمخطط “بونزي” الذي نحر المالية اللبنانية وأحرق أموال المودعين اللبنانيين وغيرهم.
ووفق قراءة الخبراء يمكن تسميته “عفو عام مالي” يستفيد منه أصحاب المصارف ليكملوا بنهج “العنف الاقتصادي” الظالم الحالي.
لا سيّما أنه منفصل عن خطة إصلاحية مالية أو اقتصادية تشمل إعادة هيكلة المصارف وتحدد سياسة نقدية واضحة وما هو الّا محاولة جديدة لتبدية مصالح أصحاب المصارف على حقوق المجتمع.
الجلسة الأخيرة كانت عُقدت في منتصف نيسان الماضي وتمّ تطييرها بسبب عدم رغبة أي من الكتل الخوض في مسألة قد تضرهم في الانتخابات.
بعدها نام المشروع. واليوم يعود إلى مطبخ اللجان المشتركة من دون أن يختلف مصير البحث عن السابق.
الصحافي الاقتصادي منير يونس يرى أنه في الكابيتال كونترول تضليل خطير، حيث تدعي الحكومة أنه بالتوافق مع صندوق النقد لتمرير حماية البنوك، وتنويم الدولارات القديمة مقابل إنعاش الجديدة.
وبحسب قراءة يونس، الذي يحرص على تشريح السائل الالية والاقتصادية للجمهور على “تويتر” يومياً، أنه ليست هذه أولوية الصندوق بل أولويته خفض الاستيراد والعجز التجاري وعجز ميزان المدفوعات. لافتاً إلى أن “الحكومة تكذب وتضلل وتحتال لمصلحة البنوك”!
جمعية المودعين اللبنانيين دعت بدورها إلى الاعتصام خلال الجلسة النيابية قائلة “على كل مودع مقيم أن يتواجد الثلاثاء 30 آب الساعة 9 صباحاً أمام مجلس النواب رفضاً لقانون العفو العام عن الجرائم المالية بحق المودعين”.
ورئيس الجمعية حسن مغنية يرى أن قانون الكابيتال كونترول المزمع مناقشته:
1- يعفي المصارف والدولة والمركزي ويبرئ ذمتهم بشكل مطلق رغم استيلائهم على أموال المودعين.
2-يسقط مفاعيل الدعاوى القضائية المقامة قبل إقراره في الداخل والخارج ويمنع إقامة دعاوى جديدة من قبل المودعين.
باختصار سيكون المشروع المطروح بمثابة كارثة اقتصادية لا تخفف من وطأة الأزمة بل يأتي بعد تبخّر الرأسمال. بينما المطلوب تطبيقه بعد إعادة هيكلة النظام المصرفي ووضع خطة مالية كلية واضحة للاقتصا، تساهم في ترسيخ وتنمية الاقتصاد النقدي والسوق السوداء.
ما هو مطروح يؤدي إلى زيادة عدم الوساطة المالية وتأكيد حالة “الزومبي” للبنوك اللبنانية وزيادة الفساد والتشويه في أسعار الصرف المتعددة وزيادة فواتير الواردات وفواتير أقل للصادرات، والحد بشكل كبير من تدفق التحويلات عبر البنوك والقنوات الرسمية.
وتُناقش اللجان النيابية المشتركة ورقة ملاحظات أعدّتها شخصيات أكاديمية وقانونية ومصرفية في اجتماعات دعاهم إليها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب.
لكن بو صعب توقع أن لا يُقرّ قانون الكابيتال كونترول بصيغته النهائية في جلسة الثلاثاء إذ يحتاج إلى تعديلات لضمان حقوق المودعين بشكل واضح.
ونفى بو صعب أن يكون قد قدم قانوناً معدلاً بشأن الكابيتال كونترول بل نقل ملاحظات الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين لتسهيل النقاش في جلسة اللجان المشتركة وبالتالي ما سيناقش هو الصيغة الحكومية.
الملاحظات التي ستُعرض على النواب لا ترقى إلى وصفها بتعديلات جوهرية على المشروع الأساسي. فالمادة الأساسية محور النزاع في المشروع المعدّ من الحكومة، هي المادة 12 التي تمنح المصارف براءة ذمة تجاه الدعاوى المرفوعة ضدّها في الداخل والخارج.
هي أشبه بإعطاء صفة الحكم والحاكم للجلاد والمرتكب وتطوي صفحة الجرائم المالية المرتكبة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف وإطفاء الخسائر على حساب المال العام والخاص.
المشروع بصيغته الحالية يؤدي إلى خلق بيروقراطية فاسدة للإشراف على الضوابط وزيادة التهريب: تهدف إلى حماية تقاضي ومساءلة المودعين لمصرف لبنان والبنوك الخارجية، وتحويل الليرة اللبنانية إلى اقتصاد خاضع للسيطرة مع ضوابط الصرف الأجنبي. هل ينجو اللبنانيون من إقراره؟ ويُعلي ثلو الشعب مصالح مواطنيهم على مصالح المنظومة المالية؟
رانيا برو